2011-03-22

قصة لوحة "الممثل" لبيكاسو




السلام عليكم


لوحة "الممثل" التي يُقدر ثمنها بأكثر من 130 مليون دولار، وتعتبر من اعمال بيكاسو النادرة في الفترة الوردية رسمها في 1904 ـ 1905.

فذات يوم في كانون الثاني/يناير الماضي فقدت امرأة كانت تزور المتحف مع طلاب صفها من الراشدين، توازنها وسقطت على لوحة "الممثل"، واحدثت شرخا عموديا طوله 15 سنتمترا في قماشة اللوحة. وأمضى خبراء ترميم اللوحات ثلاثة أشهر على لوحة "الممثل" التي رسمت قبل 105 سنوات لإعادتها الى حالتها الأصلية. وهي الآن معلقة في متحف متروبولتيان استعدادا للمعرض لكنها محاطة بحماية استثنائية. وتقول الناقدة الفنية كارول فوغت في صحيفة نيويورك تايمز ان العين غير المدربَة لن تلحظ وجود فرق بين "الممثل" قبل ترميمها وبعده.

رسم بيكاسو لوحة "الممثل" حين كان في الثالثة والعشرين من العمر ويتذكر غاري تينترو مدير قسم فنون القرن التاسع عشر والعصر الحديث والفن المعاصر في متحف متروبوليتان، كيف بدت اللوحة بعد الحادث مباشرة. وقال في مقابلة معه "رأينا الخيوط الخشنة الكبيرة التي بدت وكأنها بساط فظيع من الياف الجوت. وكان السؤال هو كيف نستطيع اصلاح بيضة مكسورة لتعود قطعة واحدة". وسرعان ما تحولت ورشة التصليح الى ما يشبه ردهة طوارئ في مستشفى حيث يناقش الطبيب الأخصائي مع فريقه معالجة مريض تعرض الى حادث مريع. وقالت لوسي بيلولي خبيرة حفظ الأعمال الفنية في متحف متروبوليتان للفنون ان ما جرى كان "حادثا مروعا في حياة هذه المواد". واوضحت ان هناك الآن الكثير من المواد التي يمكن الاختيار من بينها ولكن الطرق الأساسية التي استخدمَتها في ترميم "الممثل" طرق قديمة تعود الى عشرات السنين.

كانت الخطوة الأولى تصوير اللوحة المشروخة ليكون هناك سجل بصري كامل عنها. ثم أُعيدت بعناية شديدة رقائق الألوان الزيتية السائبة حول الشرخ الى مكانها بسائل لاصق. وقالت بيلولي انها ما كانت تريد ان تفقد ذرة واحدة من الوان اللوحة. ولحماية حواف الشرخ استُخدمت قطع منتاهية الصغر من الورق وصمغ جلد الأرنب على وجه القماشة وظهرها فبدت اللوحة مضمدة وكأنها أخضعت لاسعافات اولية، بحسب تعبيرها.

وقالت الخبيرة بيلولي ان خبراء الترميم كانوا في سباق مع الوقت لأن اقشمة اللوحات الفنية مثل البشر "لها ذاكرة"، بمعنى ان الجزء الممزق يتعين ان يُعاد بمنتهى الرفق واللطف الى حالته المسطحة وإلا فانه يجنح الى العودة الى التشويه الذي سببه الحادث.

وما زاد عملية الترميم تعقيدا ان هناك لوحة على ظهر القماشة كان يتعين ان تؤخذ في الحسبان. ولسنوات طويلة كان قلة من الخبراء فقط يعرفون بوجود هذه اللوحة الثانية، والسجال يحتدم بينهم حول قصتها. هل كانت عملا نبذه بيكاسو أم انها لوحة "العذراء ذات الشعر الذهبي" المفقودة منذ رسمها بيكاسو عام 1901، كما يراهن كاتب سيرته جون ريتشاردسون؟ ومن بين الفرضيات التي ناقشها الباحثون فرضية هوبرت فون زونينبرغ، خبير الترميم السابق في متحف متروبوليتان، الذي يرى ان اللوحة الثانية ربما كانت ديكورا مسرحيا من صنع شخص آخر لأن القماشة سميكة وليس من النوع الخفيف الذي يفضله الرسامون عادة.

تعود لوحة "الممثل" الى فترة من حياة بيكاسو كان فيها فقيرا يستخدم اي قماشة او مادة تقع يده عليها حتى إذا كانت مستعملة من قبل. ولعله حاول ازالة التكوين الأصلي بالرسم عليه ولكن الفحوص الشعاعية كشفت عن منظر طبيعي من الأحجار في بركة ماء متموج واسوار وشكل كبير ربما كان امرأة عارية رغم ان مدير الفنون في المتحف تينترو قال ان من المتعذر التوثق من ذلك.

يقول خبراء ان ضربات الفرشاة وتوزيع الألوان لم تكن اسلوب بيكاسو بل تنسجم مع عمل الرسامين الرمزيين في برشلونة الذين يظهرون في رسوم كاريكاتيرية خرجت من بين يدي بيكاسو. ويقول تينترو ان اللوحة الموجودة على ظهر "الممثل" ربما كانت من عمل الرسام الرمزي ايسدري نونيل الذي كان له محترف في باريس ومعروف بأنه اعطى بيكاسو مواد للرسم في عام 1901.

ايا يكن رسام اللوحة الثانية فان الفحوص الشعائية اظهرت ان المنظر الطبيعي رُسم افقيا وان بيكاسو قلب القماشة من اجل تنفيذ التكوين الشاقولي للوحة "الممثل".



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق